نظريـة الرؤيـــا وتشكل الألــوان

 

تتمتع كل مادة في الطبيعة بنوع معين من الجزيئات أو الذرات تكسبها صفات خاصة تعتبر كبصمة مميزة لهذه المادة لا تتشارك بها مع أي مادة أخرى والجزيئات بشكل عام تتكون من اثنين أو أكثر من الذرات (Atoms)  وكل ذرة منها تتكون من عدد محدد من الإلكترونات ( Electrons ) .

تتكون الأجسام من ذرات وجزيئات, وهذه الذرات و إلكتروناتها تتفاعل مع الضوء (الطاقة الضوئية) الذي يقع عليها بعدة طرق:

  • تعكس أو تبعثر الضوء الذي يقع عليها.

  • تمتص الضوء الذي يقع عليها.

  • تترك الضوء الذي يقع عليها يعبر خلالها دون أن يفقد من طاقته.

  • تكسر الضوء الذي يقع عليها عندما يحصل تغير فيما يسمى ( قرينة انكسار الوسط ) 

وبما أن الضوء ذو خاصية جسيميه (مادية) وموجية (فوتونات) في نفس الوقت، فإن لكل موجة ضوئية (لون معين) بارامترات محددة (طول موجة الضوء، التردد، السعة) وبالتالي كل لون في الطبيعة يرتبط بتردد معين أو طول موجة معينة للموجة الضوئية الخاصة به وذلك ضمن مجال الترددات المرئية والتي تتدرج من اللون الأحمر (أقل تردد، أكبر طول موجي) إلى اللون البنفسجي (أعلى تردد، أقصر طول موجي).

فالأجسام التي نراها بالعين سوداء ...! تمتص جزيئاتها جميع ألوان الطيف التي تقع عليها , وبالتالي لا تعكس أي لون من ألوان الطيف المرئي ، و لهذا تبدو سوداء اللون. و كذلك تكون الأجسام السوداء حارة( دافئة ) لأنها تمتص كامل طاقة الضوء (الموجات الضوئية) التي تسقط عليها . بخلاف الأجسام التي تبدو بيضاء بالعين المجردة ، والتي تعكس جزيئاتها جميع ألوان الطيف المسلّط عليها , و لهذا تبدو بيضاء اللون و تكون باردة لأنها لا تمتص أي طاقة ضوئية بل تعكسها بالكامل .

وبالنسبة لباقي الألوان التي نشاهدها في الطبيعة فنرى أن كل مادة تتميز بلون معين والسبب في ذلك أيضا أنها تعكس فقط الضوء الذي نراه ، وتمتص كامل الأطياف الضوئية الأخرى، فمثلا النباتات الخضراء تحتوي على مادة الكلوروفيل التي تمتص جميع الأطوال الموجية اللون الأزرق و الأحمر وباقي ألوان الطيف و تعكس فقط الأطوال الموجية التي تميز اللون الأخضر الذي نميزها به, والمبدأ نفسه يمكن تطبيقه على جميع الألوان.

كيف تعمل العين

يمكن أن نشبه فكرة عمل العين بالكاميرا التي نستخدمها في التصوير الفوتوغرافي، تلك العملية التي تقوم فيها الكاميرا بتجميع الضوء  المنعكس عن الجسم بواسطة عدسة الكاميرا على الفيلم وبعدها تتم العملية الكيميائية لتحويل الصورة المختزنة في الفيلم إلى صورة يمكن طباعتها على الورق لنحصل على صورة بين أيدينا لمشهد معين تم تصويره، والعين تقوم أيضا بتجميع الضوء المنعكس عن الجسم أو المشهد الذي ننظر إليه وتركزه في داخل العين. ولتوضيح كيف تتم عملية الرؤية سوف ننظر إلى تركيب العين

العضلات (Muscles)

 التي تحرك العين وتتحكم في شكل وحجم فتحة العين وشكل العدسة.

الحدقة أو البؤبؤ (Pupil)

وهو عبارة عن الفتحة المركزية التي تسمح للضوء بالمرور لداخل العين وتتسع وتضيق حسب كمية الضوء المتوفرة في المنطقة.

العدسة (Lens)

قرص مرن بلوري شفاف، محدب الوجهين يفيد في التركيز، ويقع خلف الحدقة، وتقوم عضلات بالسيطرة على شكل العدسة بطريقة تلقائية ليتم التركيز. كلما تقدمنا في العمر تقل مرونة العدسة مما يؤدي إلى صعوبة في التركيز على الأشياء القريبة مثل الصحف والمجلات وهذا هو سبب احتياج البعض إلى نظارة قراءة بعد سن الأربعين.

القرنية (Cornea)

نسيج قوي شفاف مقوس، بشكل كروي، تقوم بدور نافذة العين، وتعتبر القرنية هي عنصر التركيز الرئيسي للعين، فحين يدخل الضوء العين ينكسر بواسطة القرنية.

الشبكية (Retina)

عبارة عن غشاء من عشرة طبقات حساس للضوء يبطن الحائط الخلفي للعين وهي الجزء المدرك من العين والتي تقوم بتحويل الضوء إلى نبضات كهربائية ترسل عن طريق العصب البصري إلى الدماغ للترجمة الفورية.

وتقوم الشبكية بدور رئيسي في عملية الرؤية حيث تتفاعل الشبكية مع الضوء الساقط عليها وتحوله إلى معلومات ترسل إلى الدماغ عن طريق العصب البصري ويعمل الدماغ على ترجمة هذه المعلومات وتحويلها إلى صورة. 

وتحتوى الشبكية على خلايا عصبية تسمى مجسات الإبصار وهي نوعان هما:

  • الأقماع أو المخاريط (cones)

  • العصي (rods)

وتكون وظيفة هذه المجسات هو تحويل فوتونات الضوء إلى إشارات كهربية ترسل عبر الألياف العصبية البصربة المتصلة بها لترسل بعد ذلك إلى مركز الإبصار في الدماغ لتتم الترجمة والرؤية.

العصيات مسئولة عن تمييز اللون الأبيض و الأسود و عملها يبلغ ذروته في الظلام.

المخاريط مسئولة عن البصر بالألوان أو رؤية و تمييز الألوان عن بعضها البعض. والمخروط إما أن يحتوي على صبغة حساسة للأزرق أو الأحمر أو الأخضر, ويمتص موجات الضوء ذات طول معين. فالمخاريط التي تمتص موجات الضوء القصيرة , تمتص الضوء الأزرق (تميز اللون الأزرق) والأقماع التي تمتص موجات الضوء المتوسطة تمتص الضوء الأخضر (تميز اللون الأخضر), والمخاريط التي تمتص موجات الضوء الطويلة تمتص الضوء الأحمر (تميز اللون الأحمر).

اللون الأزرق والأحمر والأخضر هي الألوان الأساسية التي تتكون منها جميع الألوان, فبإثارة تركيبات مختلفة من هذه المخاريط نرى الألوان باختلافها وتنوعها من حولنا.

وتعتمد دقة الرؤية ووضوحها على المرحلة الأولى للجزء الأمامي للعين والتي يتم فيها تركيز الضوء بواسطة القرنية وعدسة العين على الشبكية، وبالتالي فإن شكل كلاً من القرنية والعدسة بالإضافة إلى مرونة حركتهما ومرونة العضلات التي تتحكم بحركة العين ككل كلها تلعب دوراً متكاملاً في تركيز الضوء على شبكية العين. فعندما ننظر إلى جسم ما فإن ثلاثة أشياء تحدث فوراً وتلقائياً وهي:

  • تصغير حجم الصورة لتناسب حجم شبكية العين.

  • تجميع الضوء المتشتت عن الجسم وتركزه (focus) على الشبكية.

  • الصورة المتكونة على الشبكية يجب أن تكون منحنية لتناسب شكل الشبكية تماماً.

وكما هو موضح في الشكل فإن الضوء المار خلال القرنية وحدقة العين ينحني وفيزيائيا نقول انه ينكسر (refractive) بواسطة العدسة ليصل إلى نقطة على الشبكية نقول عنها نقطة التركيز أو (focus) حيث تتشكل الصورة تماماً كما نقوم بذلك في الكاميرا فاهم خطوة للحصول على صورة واضحة أن نضبط التركيز (focusing) والذي يتم أوتوماتيكياً في معظم الكاميرات العادية.

ولعمل كل ذلك فإن العين تمتلك عدسة تقع في مركز العين بين الشبكية والحدقة وتغطي العدسة طبقة شفافة تسمى القرنية تعمل كنافذة لحماية العدسة.  كلا من العدس والقرنية تعملان مع بعضهما البعض لتركيز الصورة على الشبكية.

عيوب البصر

العين الطبيعية الخالية من العيوب تتميز بوجود تناسب بين قوة القرنية والعدسة وموقع الشبكية التي تقع على مسافة 24 مليمتراً خلف القرنية. وهذا التناسب يجعل الضوء الساقط على العين يتركز على الشبكية تماماً، وأي اختلال فيه يؤدي إلى حدوث عيوب البصر والتي تسمى في الكثير من الأحيان بالعيوب الانكسارية دلالة على الخاصية الفيزيائية لعدسة والقرنية في عملية انكسار الضوء وان كل هذه العيوب منشؤها خلل في القوة الانكسارية التي تتمثل في:

قصر النظر mypopia 

وهو أشهر أنواع العيوب الانكسارية وأكثرها شيوعاً، والسبب الرئيسي له تجمع الأشعة الضوئية قبل وصولها إلى شبكية العين. مما يسبب زيغ في الصورة المتكونة، وتحدث هذه الحالة بسبب زيادة قوة تركيز عدسة العين ولذلك نرى هؤلاء الاشخاص يتمتعون بقدرة على القراءة والنظر بوضوح للأجسام القريبة.

طول النظر (Hyperopia) 

على عكس قصر النظر تماماً، يحدث أن تتجمع الأشعة الضوئية بعد شبكة العين فتسبب فيما يسمى بطول النظر، وفي هذه الحالة يعاني طويل النظر من عدم الرؤية بوضوح عن قرب، وقد يستطيع ذلك ولكنه يصاب بإجهاد شديد من شدة التركيز والضغط على العين لزيادة قوة العدسة. ولكن الاجسام البعيدة فهو يراها بوضوح.

انحراف البصر  (Astigmatism)

تحدث مشكلة انحراف البصر عندما يحدث تشوه في عدسة العين أو القرنية مما ينتج عنه تكون نقطتين للبؤرة مما ينتج عنه قوة انكسارية غير متساوية في جميع الاتجاهات فينتج انحراف البصر أو الاستجماتيزم.

قصو البصر  (Presbyopia)

تستطيع عدسة العين الطبيعية بقدرة الله عز وجل أن تغير قوتها التكبيرية خلال لحظة من الزمن، الأمر الذي يجعلنا قادرين على تحويل نظرنا من البعيد جداً إلى القريب جداً، وفي لمح البصر نرى كل شيء بوضوح وعلى مختلف المسافات.  وحين تفقد عدسة العين مرونتها وقدرتها على تغيير قوتها التكبيرية يصبح الإنسان غير قادر على رؤية الأشياء القريبة بوضوح خاصة القراءة.

ويتم معالجة كل هذه المشاكل باستخدام انواع مختلفة من العدسات الطبية والتي تحسب قوتها ودرجتها ونوعها حسب تشخيص دقيق يخضع له الشخص المصاب.

المرجع: مجلة ضاد