مدائن صالح التي نهانا الرسول "ص" من
دخولها
تعد مدائن صالح من أقدم الآثار وأشهرها وأعظمها
عبرة، ومدائن
صالح تقع
بالقرب
من مدينة تبوك في شمال المملكة العربية السعودية، وتشمل عدة
كهوف
ومقابر منحوتة في الجبال لأقوام حكموا شعوب هذه المنطقة من
آشوريين وأنباط ورومان وعرب، كما ارتبطت المدائن بقوم ثمود الذين عايشوا النبي صالح
ومدائن صالح سميت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بمدينة
(الرحبة) وقد مرّ عليها في طريقه إلى غزوة
تبوك، وكان إتباعه قد نزلوا بها وأعدوا فيها الطعام، فلما علم
الرسول صلى الله عليه
وسلم بذلك أمرهم بالكف عن الطبخ وأن يقدموه للإبل مع الرحيل من
ذلك المكان، وقال لهم صلى الله عليه وسلم _ كما جاء في صحيح
مسلم (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا
باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم ما
أصابهم.
ويشاهد عند مدخل كل جبل دهليز مفرغ، ثم سلم من الصخر
يصعد إلى بعض المجالس الجبلية وبعض المصاعد التي توصل إلى غرف واسعة، أمامها
مقدمة جبلية فيها
نحت كالشباك تطل منه على نوافذ صغيرة يدخل منها نور وشمس وريح،
حتى أن الهواء إذا
انطلق بشدة في جوف هذه الجبال يخيل إلى الزائر أنه أصوات
موسيقية،كما يشاهد على المداخل ونوافذ معظم الجبال نقوشاً قديمة الحفر، وبعض الكتابة "الثمودية
" كأنها
توحي باسم صاحب الجبل المنحوت وأفراد عائلته وتاريخ نحته. |
قوم صالح عليه السلام :
هم قبيلة مشهورة يقال ثمود باسم جدهم
ثمود أخي جديس، وهما ابنا عابر بن ارم بن سام بن
نوح، وكانوا عرباً من العارية يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك،
وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا
يعبدون الأصنام ، فبعث الله فيهم
رجلاً منهم، وهو عبد الله ورسوله:
صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن
عابر بن ارم بن سام بن نوح
فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا
شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد، ولا يشركوا به شيئاً، فآمنت به
طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال. وقد استمرّ سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه إلى الإيمان، واستمرّ
قومه على عنادهم وتكبرهم من اتباع الحق، ولما
وجدوا منه استمساكًا برأيه وإصرارًا على دعوته إياهم إلى عبادة الله وحده
وترك عبادة الأصنام خاف المستكبرون من قومه أن يكثر أتباعه وأن
ينصرفوا عنهم إليه، وفي ذلك ذهاب لسلطانهم وتفتيت لقوتهم،
فأرادوا أن يظهروا للناس أنه عاجز غير صادق في دعواه وهذا من
خبث نفوسهم وظلام قلوبهم عن اتباع الحق. |
 |
فطلبوا منه معجزة تكون دليلاً على صدقه وقالوا له: أخرِجْ لنا من هذه
الصخرة (وأشاروا إلى صخرة كانت هناك) ناقةً ومعها ولدها وذكروا
لها أوصافًا، وقالوا له: إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقةً
ومعها ابنها آمنّا بك وصدقناك، فأخذ سيدنا صالح عليه السلام
عليهم عهودهم ومواثيقهم على ذلك. قام نبي الله صالح وصلى للهِ تبارك وتعالى
ثم دعا ربَّه عز وجلّ أن يُعينه ويجيبه إلى ما طلب قومه
فاستجاب الله دعوتَه فأخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام بقدرة
الله ناقةً ومعها ولدها من الصخرة الصماء.
فقد أمر الله هذه الصخرةَ أن تَنفطر عن ناقة عظيمة طويلة فيها الصفات
التي طلبوها ومعها ابنها. |
 |
وعندما أخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام هذه الناقة مع فصيلها بقدرة
الله تعالى قال
لهم ما أخبرنا الله تعالى :{هذه ناقة
الله لكم} (سورة الأعراف/73) أضافها عليه السلام لله تعالى إضافة تشريف وتعظيم
وأخبرهم أنها لهم دليل صدق على دعوته عليه السلام.
وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله قال تعالى :{قال هذه ناقة
لها شِرب ولكم شِربُ يومٍ معلوم} (سورة الشعراء/155)،وحذرهم أن
يتعرضوا لها بالقتل أو الأذى، وأخبرهم أنهم إن هم تعرضوا لها
بالسوء يأخذهم عذاب وهلاك عظيم، قال الله تبارك وتعالى في
كتابه العزيز :{قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
(153) مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ
بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154)
قَالَ هَذِهِ
نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ
(155)
وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
(156)} (سورة الشعراء). |
 |
تآمر قوم صالح عليه السلام على قتل الناقة
مكَثت ناقةُ صالح عليه الصلاة والسلام في قبيلة ثمود زمانًا تأكل من
الأرض، وترِدُ الماء للشرب يومًا وتمتنعُ منه يومًا،ويقال إنها كانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا
يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، قال الله تعالى :{قال هذه ناقة لها شِرب ولكم شِربُ يومٍ معلوم}. ممّا
استمال كثيرًا من قومه عليه السلام إذ استبانوا بها على صدق رسالة نبيّهم
صالح عليه السلام وأيقنوا بذلك، مما أفزع ذلك المستكبرين من
قومه وخافُوا على سلطانهم أن يزول وقالوا للمستضعفين الذين
أشرق نور الإيمان في قلوبهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه :{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ
لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ
أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ}، فأجابوهم {قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ} ولكن جواب المؤمنين من
أتباع صالح عليه السلام لم يؤثر في المشركين المستكبرين وظلت
قلوبهم قاسية كالأحجار. |
 |
رأى المُستكبرون من قوم نبي الله صالح عليه السلام في هذه الناقة
خطَرًا جسيمًا عليهم فاتفقوا على أن يعقروها ليستريحوا منها،
قال الله تعالى :{إِنَّا مُرْسِلُواْ
النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ
شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ} (سورة القمر).
وقيل إنهم ظلوا مترددين في تنفيذ ما اتفق عليه إلى أن قامت فيهما
امرأتان خبيثتان إحداهما
اسمها
صدوق ابنة
المحيا وكانت ذات حسب ومال فعرضت نفسها على رجل يقال له مَصرع بن مهرج إن هو
عَقر الناقة وذبحها، وكان اسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت
عجوزًا كافرةً لها أربع بنات فعرضت على رجل شقيّ خبيث أيضًا
اسمه قُدار بن سالف أيّ بناتها يختار إن هو عقر الناقة، فقبل
هذانِ الشابان وسَعيا في قومهم لأجل هذا الغرض الخبيث فاستجاب
لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله
:{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا
يُصْلِحُونَ (48)} (سورة النمل) |
 |
انطلق هؤلاء
الرجال الخُبثاء يرصدون الناقة، فلما صدرت من وِردها رماها
أحدهم وهو مصرع بسهم، وجاء النساء يشجعن في قتلها فأسرع أشقاهم
وهو قدار بن سالف فشَدَّ عليها بسيفه وكشفَ عن عُرقوبها فخرت
ساقطة إلى الأرض مَيتة بعد أن طعنها في لَبَّتِها فنحرها، وأما
فصيلها فصعد جبلاً مَنيعًا ثم دخل في صخرة وغاب فيها.
روى
البخاريّ ومسلم وأحمد بإسنادهم عن عبد الله بن زمعة أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقر فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :{إذ انبعث أشقاها} انبعث لها
رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة" وقوله "عزيز" أي
قليل المثل، وعارم أي كثير الشراسة والشرّ، ومنيع أي ذو
مَنَعة، وقال الله تبارك وتعالى :{فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ
وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ
مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. |
 |
هذا هو مبلغ العناد والزيغ فلقد رأى قوم صالح عليه السلام هذه المعجزة
العظيمة لنبي الله صالح عليه السلام، وهذا البرهان الصادق
والدليل القاطع على نبوته وصدقه أمام أعينهم، ولكن حمَلَهم
الكفرُ والضلال والعناد وحب الدنيا على رفض الحق واعتناق
الباطل، وكان عاقبة هذا العناد والتكبر عن الحق وخيمة عليهم.
عن عمار بن ياسر
قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعلي: (ألا أحدثك بأشقى الناس؟). قال:
بلى.
قال: (رجلان أحدهما أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا
علي على هذا _ يعني قرنه _ حتى تبتل منه هذه _ يعني لحيته).
يقول الله تبارك وتعالى :{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)
إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا
(12)
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا (13)} (سورة الشمس) أي احذروها ولا تتعرضوا لها ولسقياها {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم
بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)
وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} (سورة الشمس)،
قال الله تعالى: {فَعَقَرُوهَا
فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ
غَيْرُ مَكْذُوبٍ}
وذكروا
أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف لعنه
الله، فعرقبها فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها
بأسيافهم يقطعونها، فلما
عاين ذلك سقيها _ وهو ولدها _ شرد
عنهم، فعلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مرات. لهذا قال لهم
صالح: {تمتعوا
في داركم ثلاثة أيام} أي: غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد
الأكيد، بل لمـّا
أمسوا همّوا بقتله، وأرادوا فيما يزعمون أن يلحقوه بالناقة.
{قَالُوا
تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}
أي: لنكبسنه في داره مع أهله، فلنقتلنه ثم نجحدن قتله، وننكر
ذلك إن
طالبنا أولياؤه
بدمه. ولهذا قالوا: {ثُمَّ
لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ
وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}
|
 |
هلاك
ثمود
قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا
مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ
أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}. وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح
حجارة رضختهم، سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم . وأصبحت ثمود يوم الخميس، وهو
اليوم الأول من أيام النظرة، ووجوههم مصفرة كما أنذرهم صالح عليه
السلام، فلما
أمسوا نادوا بأجمعهم: ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم
الثاني من أيام التأجيل، وهو يوم الجمعة ووجوههم! محمرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل. ثم أصبحوا في
اليوم الثالث من أيام المتاع، وهو يوم السبت، ووجوههم مسودة،
فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى الأجل. فلما كان صبيحة يوم الأحد،
تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينظرون ماذا يحل بهم من العذاب،
والنكال، والنقمة، لا يدرون كيف يفعل بهم، ولا من أي جهة يأتيهم
العذاب. فلما أشرقت الشمس، جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة
شديدة من أسفل
منهم، ففاضت الأرواح، وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت
الأصوات، وحقت الحقائق، فأصبحوا في دارهم جاثمين جثثاً لا أرواح فيها،
ولا حراك بها. قال الله تعالى: {كَأَنْ
لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي: لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء. {أَلَا
إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْداً لِثَمُودَ} أي: نادى عليهم لسان القدر بهذا. عن جابر قال: لما مر رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تسألوا الآيات، فقد سألها
قوم صالح فكانت _ يعني الناقة _ ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج
فعتوا عن أمر ربهم فعقروها. وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها
يوماً، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا
رجلاً واحداً كان في حرم الله). فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال:
(هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه). |
 |
عن بجير بن أبي بجير قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا
بقبر، فقال: (إن هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف؛ وكان من ثمود؛ وكان
بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا
المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه، فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن). وهكذا رواه أبو
داود، من طريق محمد بن إسحاق به. وقوله تعالى: {فَتَوَلَّى
عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي
وَنَصَحْتُ
لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ
في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلاً لهم: {يَاقَوْمِ
لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي: جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي،
وفعلي، ونيتي. {وَلَكِنْ
لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق، ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما
أنتم فيه من العذاب الأليم. |
 |
مرور
النبي
بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك
عن ابن عباس قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج
قال: (يا أبا بكر أي واد هذا؟) قال: وادي عسفان. قال: (لقد مر به
هود وصالح عليهما السلام، على بكرات خطمها الليف، أزرهم العباء،
وأرديتهم النمار، يلبون يحجون البيت العتيق) إسناد حسن.
عن ابن عمر
قال: لما نزل رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالناس على تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود،
فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها، ونصبوا
القدور فأمرهم رسول الله فأهراقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل
ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت
تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا، فقال:
((إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا
تدخلوا عليهم)). |
 |
عن عبد
الله بن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر:
(لا تدخلوا على
هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا
عليهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم). أخرجاه في (الصحيحين) من غير وجه.
وفي بعض الروايات:
أنه
عليه السلام لما مر
بمنازلهم،
قنع رأسه، وأسرع راحلته، ونهى عن دخول منازلهم، إلا أن تكونوا
باكين. وفي رواية:
(فإن لم تبكوا فتباكوا، خشية أن يصيبكم مثل ما
أصابهم)
صلوات الله وسلامه
عليه.
عامر بن سعد رضي الله عنه قال: لما كان في غزوة تبوك،
فسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فنادى في الناس الصلاة جامعة، قال: فأتيت
النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره، وهو يقول: (ما
تدخلون على قوم غضب الله
عليهم).
فناداه رجل تعجب منهم
يا رسول الله؟
قال: (أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك، رجل من
أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا،
فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً، وسيأتي قوم لا يدفعون عن
أنفسهم شيئاً). إسناد حسن ولم يخرجوه.
وقد ذكر أن قوم صالح كانت أعمارهم طويلة، فكانوا
يبنون البيوت من المدر، فتخرب قبل موت الواحد منهم، فنحتوا لهم
بيوتاً في الجبال. وذكروا أن صالحاً عليه السلام لما سألوه
آية، فأخرج الله لهم الناقة من الصخرة، أمرهم بها وبالولد الذي
كان في جوفها، وحذرهم بأس الله إن هم نالوها بسوء، وأخبرهم
أنهم سيعقرونها، ويكون سبب هلاكهم ذلك. |